عليها، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح (1). وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها (2).
ويبرز هذا الكاتب نقطة أخرى مهمة هي أن كاتبي الرسائل لم يكونوا على علم بهذه الأناجيل الأربعة، مع أنه لو صح نسبة الأناجيل إلى أصحابها لكانت أسبق من الرسائل، ويؤكد هذا الكاتب (أن الأناجيل الأربعة لم تكن موجودة في زمن الحواريين الخمسة أو الستة الذين كتبوا تلك الرسائل لأن الرسائل لا تبحث عن محتويات هذه الأناجيل قطعا ولا تشير إليها) (3).
وهناك موضوع آخر يتصل بالعهد الجديد وصلاحيته مصدرا للدين المسيحي، فقد أثبتنا آنفا أن الأناجيل اختيرت لتلائم المعتقدات التي وضعها بولس، ومن ثم كانت الأغلبية الساحقة من (العهد الجديد) من وضع بولس ومريديه كما أسلفنا القول عند الكلام عن بولس، ومع هذا فإنه بمرور الزمن ظهر للمسيحيين أن هذه الأناجيل لا تفي بما أرادوا أن يضيفوه للمسيحية من معتقدات كغفران السيئات وعصمة البابا وغير ذلك، ومن ثم اقترحوا المجامع يثبتون بها ما يشاءون من الأصول، وإذا كانت المجامع قد أخذت الحق في تقرير ألوهية المسيح فلا ضير عندهم أن تأخذ الحق فيما دون ذلك من مسائل، فليس هناك موضوع يرقى إلى مستوى هذا الموضوع الخطير، وعلى هذا فالمصدر الحقيقي للمسيحية هو المجامع، هو البشر.