في طريق من إندونيسيا حيث كنت مديرا للمركز الثقافي العربي وأستاذا بالجامعة تخلفت بضعة أيام في تايلاند، وكنت أنزل في أحد الفنادق الكبرى في بانكوك، ووزعت علينا إدارة الفندق كتابا عن أهم معالم المدينة وأمكنتها الأثرية، وأخذت أطالع الكتاب فوجدت بضع صفحات خصصت للمعالم الدينية، وأهمها معابد البوذية ثم مجموعة من الكنائس المسيحية، وأخيرا مسجد واحد، وجاء يوم الجمعة وأنا في بانكوك فقررت أن أصلي الجمعة في هذا المسجد رجاء أن أتعرف على أحوال المسلمين، وذهبت إلى المسجد فوجدت المصلين قليلين، وكان دخولي ملفتا لأنظار البعض، فقد أدركوا أني غريب، واتجه واحد منهم نحوي فألقيت عليه السلام، فأدرك أنني مسلم جئت للصلاة فرحب بي، وحاولت أن أكلمه بما أعرف من لغات ولكن الرجل أدرك أنني أعرف العربية فذهب وعاد ومعه رجل يعرف اللغة العربية إلى حد ما، يحسن فهمها ولكن تعبيره بها ضعيف، وتحادثنا بواسطة هذا الرجل.
سألني من أنا ومن أين أتيت، فأخبرته، فوجدته يعرف اسمي ويستمع كثيرا لإذاعاتنا العربية من إندونيسيا. ورحب بي وطلب مني أن ألقي خطبة الجمعة، وهو شئ لم أكن ألفته من قبل، ولكني أعرفه على كل حال واستجبت لرغبته، وتأخر وقت الصلاة قليلا ليعلنوا أنني سأكون الخطيب ولإعداد مكبر للصوت مزدوج الالتقاط أتحدث أنا في أحد فرعية ويتحدث المترجم في الثاني.
والتف الناس حولي بعد الصلاة وتكلمنا طويلا وزرت بيوت بعضهم وفرحوا بي فرحا بالغا وقالوا لي: ابق معنا هنا ننشر بك الإسلام ونهدي الحائرين، وأجبتهم بأني لا أضع الخطط وإنما أسير على خطة توضع لي ولا سبيل لي إلى تغييرها، وكل ما أملكه هو أن أرفع أصواتكم لمن يضع الخطط بالقاهرة.