الفترة، وكثر نشاطهم وتنقلهم بين البلاد التي دخلتها البوذية، ويلاحظ في هذه الفترة أن الارتباط بين القصور الملكية الحاكمة وبين البوذية لم يكن دائما وطيدا وكان انتشار البوذية أو تقلصها يتوقف على قوة الارتباط وضعفه، وتعد هذه الفترة من أزهى فترات البوذية من الناحية الثقافية. فقد اتضح تأثير البوذية على الآداب والفنون في جميع البلدان التي دخلتها.
وفي المدة التالية أي من القرن الحادي عشر إلى الخامس عشر ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها وذلك لعودة النشاط الهندوسي في الهند ولظهور الإسلام في الهند وفي سواها من الأقطار التي كانت تتربع فيها البوذية، ولكن البوذية اتجهت بنشاطها في هذه الفترة - فارة من الإسلام - تجاه لأوس ومنغوليا وسيام وبورما وكان النشاط الثقافي البوذي عظيم الأثر خلال هذه الفترة في بورما وكمبوديا وسيلان واليابان.
أما الفترة الأخيرة أي من القرن السادس عشر إلى القرن العشرين فتعتبر فترة دقيقة في تاريخ البوذية، إذ وقفت البوذية وجها لوجه أمام تحدي الفكر الغربي الذي حمله الاستعمار إلى تلك البقاع، فقد أدخل الاستعمار الغربي إلى هذه البلاد اتجاهاته الفكرية وإصلاحاته التربوية وفلسفاته في مختلف الشؤون، ولم تجد البوذية بدا من أن تتعاون طوائفها المختلفة لتقف في وجه هذا الزحف الفكري، وهكذا التقت الفرق البوذية أو قربت بعضها من بعض لتقوى على النضال في معركتها مع المسيحية الغربية والفلسفات الأوربية وقد تبنت البوذية كثيرا من الاتجاهات الغربية، كما تشربت المسيحية بعض الأفكار البوذية، وتبودلت المطبوعات بين المشرفين على هاتين الفلسفتين، وتطور التعليم في المعابد فاقترب من كليات الغرب وجامعاته، وتم تعاون في الخدمات الاجتماعية بين البوذيين والغربيين.