شهدت الفترة الأولى [من مطلع البوذية حتى القرن الأول الميلادي] تحولا كبيرا في العقيدة البوذية فيما يتصل ببوذا، فقد كان في أول هذه الفترة يعد معلما ورجلا عظيما ورائدا عالميا، ثم أصبح بمرور السنين رجلا مقدسا فمعبودا فإلها، ولم يكن ذلك التطور الواسع باتفاق الجميع، ولذلك عقدت عدة مؤتمرات للتوفيق. ولكنها لم تستطع أن تقنع الجماهير بترك مكان الإله شاغرا كما أراده بوذا أن يكون، فظل الخلاف قائما.
وفي خلال هذه الفترة ظهر الإمبراطور آسوكا الذي دفع بالبوذية إلى خارج حدود الهند كما سبق القول، وبدأت البوذية تبني المعابد وتضع فيها الآلهة، كما بدأت تقيم الجمعيات التي ترعى الحياة الاجتماعية وتشرف على شؤون الدين وبخاصة في الهند وسيلان.
وفي الفترة الثانية أي من القرن الأول حتى القرن الخامس الميلادي أخذت البوذية تنتشر تجاه الشرق إلى البنغال، وتجاه الجنوب الشرقي إلى كمبوديا وفيتنام، وتجاه الشمال الغربي إلى كشمير، وفي القرن الثالث اتخذت طريقها تجاه الشرق إلى الصين وأواسط آسيا، وكان دخولها إلى الصين بطريق البحر أيضا، ومن الصين اتجهت إلى الشمال الشرقي فدخلت كوريا، وكان لنشاط الحجاج الصينيين الذين زاروا الهند وسيلان وجاوة بين سنة 399 وسنة 414 م أثر كبير في نشر البوذية في هذه البقاع، وكانت البوذية في هذه البقاع تتعاون تعاونا كاملا مع النظام الملكي الذي كان مسيطرا خلال هذه القرون على هذه الأقطار، وبواسطة هذا الارتباط بين الدين والسياسة انتشرت البوذية وكثر تابعوها وشهدت هذه المدة؟ قدما واضحا في الثقافة البوذية التي أخذت تقيم المعاهد وتنشر تراثها على أتباعها.
وفي المدة التالية أي من القرن السادس إلى العاشر الميلادي استمرت البوذية في التقدم والانتشار، وبخاصة من كوريا والصين إلى اليابان، ومن الهند إلى نيبال، ثم إلى التبت، وزادت مواكب الحجاج في هذه