ومن الواضح نتيجة لذلك أن نقرر أن جل رسالة الأزهر، وجل رسالة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وشطرا كبيرا من رسالة وزارة التعليم العالي ووزارة التربية يجب أن يتجه إلى هناك إلى تلك البقاع حيث مئات الملايين الذين يقفون على مفترق الطريق، فإذا جذبتهم المسيحية كان ذلك هزيمة لنا وأي هزيمة.
وهنا أسرع فأقرر أن هذه المشكلة ليست دينية فحسب، إنها مشكلة سياسية، فانحياز هذه البلاد إلى المسيحية الأوربية معناه فوز سياسي تسعى له أمريكا وأوربا جاهدتين، فالمشاهد أن الإسلام ليس دينا فقط، وإنما هو عون سياسي واقتصادي لنا في تلك البقاع، لقد اعترفت أكثر دول العالم بإسرائيل وبقيت الدول الإسلامية باسم الإسلام تناضل الدولة الأثيمة وتزعزع أركانها، ثم إن إسرائيل تسهم بنصيب كبير في إبعاد الإسلام عن تلك البقاع، فإبعاد الإسلام معناه دخول نفوذ إسرائيل وقوة الإسلام معناها هزيمة إسرائيل.
وهذا يسلمنا إلى حقيقة هامة هي حسن اختيار المبعوثين الذين يقومون بتأدية هذه الرسالة، فيلزم أن نتذكر أننا نقدم الإسلام لغير المسلمين أي أن مبعوثينا لن يذهبوا ليعلموا الفقه والتفسير وأصول الفقه، وإنما سيذهبون للتبشير بالإسلام، وسيقفون وجها لوجه أمام أساتذة من الرهبان المتخصصين في دراسة اللاهوت والذين لهم اطلاع واسع على جميع الأديان ومعرفة كبيرة بالدين الإسلامي، ولن يقف هؤلاء صامتين أمام دعوة الإسلام ودعاة الإسلام وإنما سيبذلون كل الجهد للتغلب على الدعاة المسلمين، فيجب أن يكون دعاتنا على معرفة واسعة بالفكر الإسلامي وبالديانة المسيحية كما علمها عيسى عليه السلام، وكما تعلمها للكنائس الآن بعد أن أحدث بها بولس انقلابا عظيما في معتقداتها وشعائرها.
هذا بالإضافة إلى إجادة لغة أجنبية على الأقل لتكون وسيلة تقديم الدعوة للناس