البوذية، واتجه آسوكا إلى خارج الهند فأرسل البعوث الدينية إلى كشمير وسيلان والإمبراطورية اليونانية وجبال همالايا وفارس والإسكندرية (1).
وهكذا انتقلت البوذية من مذهب ضمن المذاهب الدينية الهندية إلى دين عالمي، وسرعان ما لبى أهل سيلان دعوة آسوكا فاعتنقوا الدين الجديد، ولعل مما سبب ذلك ما كان بين حاكمها وبين آسوكا من روابط الصداقة. ويروى أن أهل الجزيرة أرسلوا بعثة إلى الهند لتتعلم البوذية، وأن آسوكا أرسل مع إحدى بعثاته إلى سيلان فسيلة لشجرة المعرفة التي نال بوذا تحت ظلالها المعرفة والبصيرة، وغرست هذه الفسيلة في سيلان. وبمرور الزمن أصبحت دوحة عظيمة، ولا تزال باقية إلى الآن وهي أقدم شجرة على الأرض.
وأقام آسوكا المسلات في عدة أمكنة حيث دون عليها تعاليم البوذية، وأنذر من يميلون للعصيان، ووعد البررة بالهبات والخيرات.
وتنازل آسوكا عن ممتلكاته ولم يستبق إلا ثمانية أشياء ضئيلة هي أردية ثلاثة صفراء، ونطاق يشدها به، وإبرة لترقيع الأردية، وموسى لحلق شعره، وغربال لتصفية الماء فبل شربه حتى لا يبلغ نفسا.
وندب آسوكا رجالا يتجولون في البلاد، يرغبون الناس في النسك والورع، ويعلمونهم مكارم الأخلاق، وحثهم أن يكونوا قدوة للناس، ليسهل على الناس الافتداء بهم، فيجاروهم في سيرتهم الرشيدة، وصبرهم على الشدائد، وعهد إليهم كذلك النظر في الأعمال الخبرية وإدارة شؤونها ليزيد نفعها وخولهم بعض السلطة فكان لهم إطلاق سراح المسجونين إذا اقتنعوا ببراءتهم، وكانوا يراقبون الناس ليتحققوا أنهم يلتزمون سبل السلام ويحترمون القانون ويراعون حق الفقراء والأكابر (2).