وبسبب هذا لجأ أتباع بوذا إلى معابد الهندوس فوضعوا فيها تمثال بوذا، وأصبح كل ما زاد هو إله جديد أضيف إلى آلهة الهندوس المتعددة، والعقل الهندي يرحب بمزيد من الآلهة. وهكذا أخذت البوذية تتلاشى في الهندوسية، وأخذت الهندوسية تمتصها أو تمتص أتباعها يوما بعد يوم.
وكان من أسباب ضعف البوذية في الهند بالإضافة إلى ما سبق، أن البوذية اهتمت بإصلاح الباطن، أي إصلاح الأخلاق، فحاربت الشهوة والغرور والكبرياء، وألزمت بالشعب الثماني من رأي سليم وشعور صائب وسلوك حسن... ولكن الهندوسية قنعت بأشياء ظاهرية كالغسل في الأنهار المقدسة والأخذ بالطقوس والقرابين... ومعالجة الظاهر أيسر وأسهل من معالجة الأمور الباطنية، ولهذا تخلى البوذيون يوما بعد يوم عن صراعهم مع نفوسهم، واكتفوا بقربان يقدمونه أو مظهر يظهرون به كما ترى الهندوسية، وما ساعد على ذلك تأصل نظام الطبقات الذي رفضته البوذية، واحتواء الهندوسية على تقاليد القوم وعاداتها مما جرهم إليها يوما بعد يوم (1).
هذا ما آلت له حال البوذية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، ففي داخل الهند، كانت البوذية تضعف وتنكمش، ولم تكن البوذية قد عرفت بعد طريقها إلى خارج الهند، وجاء الملك العظيم آسوكا والبوذية على وشك أن تنهار، فاعتنقها وبعث فيها الحياة مرة أخرى، ودفع بها إلى الخارج، والمؤرخون يعدونه للبوذية شبيها بالقديس بولس أو قسطنطين الأكبر بالنسبة للمسيحية. تعال بنا نقص طرفا من حديث هذا الملك العظيم.