حرم الشرع منها اتخاذ القبور مساجد، والتصوير، والعكوف على القبور.
وأباح الزيارة، والسلام، والدعاء.
وكل عاقل يعلم الفرق بينهما، ويتحقق أن النوع الثاني إذا فعل مع المحافظة على آداب الشريعة، لا يؤدي إلى محذور، وأن القائل بمنع ذلك جملة - سدا للذريعة - متقول على الله، وعلى رسوله، منتقص ما ثبت لذلك المزور من حق الزيارة.
واعلم: أن هاهنا أمرين لا بد منهما:
أحدهما: وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورفع رتبته عن سائر الخلق.
والثاني: إفراد الربوبية، واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه.
فمن اعتقد في أحد من الخلق مشاركة الباري تعالى في ذلك، فقد أشرك وجنى على جانب الربوبية فيما يجب لها، وعلى الرسول فيما أدى إلى الأمة من حقها.
ومن قصر بالرسول عن شئ من رتبته، فقد جنى عليه فيما يجب له، وعلى الله تعالى بمخالفته فيما أوجب لرسوله.
ومن بالغ في تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنواع التعظيم، ولم يبلغ به ما يختص بالباري تعالى، فقد أصاب الحق، وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعا، وذلك هو العدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.
ومن المعلوم: أن الزيارة بقصد التبرك والتعظيم، لا تنتهي في التعظيم إلى درجة الربوبية، ولا تزيد على ما نص عليه في القرآن والسنة، وفعل الصحابة من تعظيمه في حياته وبعد وفاته، وكيف يتخيل امتناعها؟!
إنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذا الرجل قد تخيل: أن الناس بزيارتهم متعرضون للإشراك بالله تعالى،