ومتى لم تحصل هذه الأمور الثلاثة لا يحصل مقصوده، وليس إلى حصولها سبيل.
ونحن قد نقلنا أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلزم بالنذر، وعلى مقتضاه يلزم السفر إليها أيضا بالنذر، على الضد مما قال.
وأما قوله: (إن الصحابة لما فتحوا الشام، لم يكونوا يسافرون إلى زيارة قبر الخليل وغيره من قبور الأنبياء التي بالشام).
فلعله لأنه لم يثبت عندهم موضعها، فإنه ليس لنا قبر مقطوع به إلا قبره صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما قوله: (ولا زار النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا من ذلك ليلة أسري به).
فلعله لاشتغاله بما هو أهم.
وقد تحققنا زيارته صلى الله عليه وآله وسلم القبور بالمدينة وغيرها في غير تلك الليلة، فليس ترك زيارته في تلك الليلة دليلا على أن الزيارة ليست بسنة، فالتشاغل بالاستدلال بذلك تشاغل بما لا يجدي.
وأما قوله: (إن الحديث الذي فيه: (هذا قبر أبيك إبراهيم فانزل فصل فيه، وهذا بيت لحم مولد أخيك عيسى انزل فصل فيه) كذب لا حقيقة له.
فصدق فيما قال.
وهذا الحديث يرويه بكر بن زياد الباهلي، قال ابن حبان: شيخ دجال يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه.
وذكر ابن حبان من طريقه الحديث المذكور، وفيه: (ثم أتى بي إلى الصخرة فقال: يا محمد، من ها هنا عرج ربك إلى السماء...) وذكر كلاما طويلا كره ابن حبان ذكره.
قال ابن حبان: وهذا شئ لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع،