البقاع والآثار المضافة إلى الأنبياء.
ثم قال: ولم يتخذ الصحابة شيئا من آثاره مسجدا ولا مزارا، غير ما بيناه من المساجد، ولم يكونوا يزورون غار حراء، ولا غار ثور.
ثم قال: حتى أن قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفظ بزيارته، وإنما صح عنه (الصلاة عليه والسلام)، موافقة لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * الآية.
ثم قال: ولهذا لم يكن على عهد الصحابة والتابعين مشهد يزار، لا على قبر نبي، ولا غير نبي، فضلا عن أن يسافر إليه، لا بالحجاز، ولا بالشام ولا اليمن، ولا العراق، ولا مصر، ولا المشرق!
ثم قال: ولهذا كانت زيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية:
فالزيارة الشرعية مقصودها السلام على الميت، والدعاء له إن كان مؤمنا، وتذكر الموت سواء كان الميت مؤمنا أم كافرا.
وقال بعد ذلك: فالزيارة لقبر المؤمن نبيا أو كان غير نبي، من جنس الصلاة على جنازته، يدعى له كما يدعى إذا صلي على جنازته.
وأما الزيارة البدعية، فمن جنس زيارة النصارى مقصودها الاشراك بالميت، مثل طلب الحوائج منه، أو به، أو التمسح بقبره، وتقبيله، أو السجود له، ونحو ذلك، فهذا كله لم يأمر الله به ورسوله، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، ولا كان أحد من السلف يفعله، لا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا غيره.
ثم قال: ولم يكونوا يقسمون على الله بأحد من خلقه، لا نبي، ولا غيره، ولا يسألون ميتا، ولا غائبا، ولا يستغيثون بميت، ولا غائب، سواء كان نبيا، أو غير نبي، بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئا.