الفضيلة، لا على التحريم، وليست الفضيلة شرطا في إباحة القصر، ولا يضر انتفاؤها.
قلت: قد وقفت على كلام ابن قدامة المذكور، وترجمته بالسفر لزيارة القبور والمشاهد، ولم أقف على كلام ابن عقيل، فإن كان في المشاهد، أو في قصدها مع الزيارة، فلا يرد علينا، لأنه من باب قصد الأمكنة، وهذا هو الظاهر من استدلاله بالحديث على ما تقرر، وكلامنا إنما هو في مجرد قصد الزيارة للميت من غير قصد البقعة أصلا، وليس في كلام ابن عقيل ولا ابن قدامة تصريح بذلك، بل كلامه يشير إلى أنه إنما تكلم في القبور التي بنيت عليها المشاهد، وقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يدخل في ذلك، لأن مكانه لا يسمى (مشهدا).
ولو سلمنا اندراجه في مدلول كلامه فيجب تخصيصه، وحمل كلامه على ما سواه.
وإذا كنا نخصص كلام الله وكلام رسوله بالأدلة، فأي شئ كلام ابن عقيل حتى لا نخصص، إذا أحسنا الظن به؟!
والموجب لتخصيص هذا القبر الشريف عن سائر القبور، الأدلة الواردة في زيارته على الخصوص، وإطباق الناس على السفر إليه، فإن لم يعتبر ابن عقيل هذه الأدلة لفوقت سهام التخطئة إليه، ورد كلامه عليه، ولكنه لم يثبت بحمد الله عندنا ذلك عنه.
فإن قلت: قد أكثرت من التفرقة بين البقعة، وقصد من فيها، وسلمت أن قصد البقعة داخل تحت الحديث، والزيارة لا بد فيها من قصد البقعة، فإن السلام والدعاء يحصل من بعد، كما يحصل من قرب، وهو مقصود الزيارة.
قلت: قصد البقعة لما اشتملت عليه ليس بمحذور، ولا نقول بنفي الفضيلة عنه، وإنما قلنا ذلك في قصد البقعة لعينها، أو لتعظيم لم يشهد به الشرع.
على أنا نقول: إنه لا يلزم من الزيارة أن يكون للبقعة مدخل في القصد