تسمى (وسيلة) بدون هذا القصد إلا على سبيل المجاز، بمعنى أنها صالحة للتوسل، ومراد الأصوليين ب (المقدمة) ما يتوقف عليها الشئ، سواء أقصد بها التوصل إليه، أم لا؟ فبينهما عموم وخصوص من وجه.
ولو سلمنا أن الوسيلة مرادفة للمقدمة، فلا شك أنها لا تكون قربة حتى يقصد بها التقرب إلى قربة، فمرادنا بقولنا: (وسيلة القربة قربة) هذا المعنى.
ومن ها هنا يظهر: أن كون الشئ قربة، غير كونه واجبا ومندوبا، فإن حكم الحاكم بالإيجاب أو الندب إنما هو على الماهية الكلية، وكل ما وجد في الخارج مشخص لا يتعلق الطلب به بخصوصه، فلا يحكم عليه بخصوصه: بأنه واجب، لكنه مؤد للواجب في ضمنه، والحكم بكون الشئ قربة تارة: يكون باعتبار حقيقته، وهو ما وضع لأن يتقرب به، فيكون كذلك، وتارة: يكون باعتبار ما قصد به التقرب، فيطلق على الفعل بعد تشخصه.
[اعتبارات السفر في مسألة الزيارة] إذا عرف ذلك فهاهنا اعتبارات:
أحدها: مطلق السفر.
والثاني: السفر إلى المدينة.
والثالث: السفر إلى المدينة بقصد القربة.
وكل واحد من القسمين الأولين ليس مطلوبا ولا قربة من حيث هو هو، وإنما قد يطلب طلب الوسائل لغيره.
والقسم الثالث مطلوب وقربة، وتتفاوت مراتبه بحسب تفاوت القربة المقصودة به، فإنها قد تكون الزيارة، وقد تكون قربة أخرى، كالصلاة في المسجد ونحوها، وقد تكون مجموع ذلك، أو القدر المشترك بينها، وهو مطلق القربة، وكل