مفصلة، ومن ادعى تخصيص العام بغير دليل قطعنا بخطئه.
فإن قلت: فالصلاة مطلقا قربة، والسفر إليها ليس بقربة إلا إلى المساجد الثلاثة.
قلت: قد يكون الشئ قربة، وانضمامه إلى غيره ليس بقربة، فالصلاة في نفسها قربة، وكونها في مسجد بعينه غير الثلاثة ليس بقربة، فالسفر إليه وسيلة إلى ما ليس بقربة.
فإن قلت: لو كانت وسيلة القربة قربة مطلقا، لكان النذر قربة، لأنه وسيلة إلى إيقاع العبادة واجبة، والواجب أفضل من النفل، والنذر مكروه، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) (1).
قلت: جعل النفل فرضا ليس بقربة، بل هو مكروه، لما فيه من الخطر والتعرض للإثم بتقدير الترك، ووقوع العبادة ممكن بغير النذر، فلم يحصل بالنذر إلا التعرض للخطر والحرج.
على أنا نقول: إن وسيلة القربة قربة من حيث هي موصلة لذلك المطلوب، وقد يقترن بها أمر عارض يخرجها عن ذلك، كمن مشى إلى الصلاة في طريق مغصوب، والمدعى أن الفعل إذا كان مباحا ولم يقترن به إلا قصد القربة به، كان قربة، وهذا لا يستثنى منه شئ.
فإن قلت: كيف تجزمون بهذا، وقد اشتهر خلاف الأصوليين في أن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم إلا به، أو لا؟! ومقتضى ذلك أن يجري خلاف، أن وسيلة المندوب هل هي مندوبة، أو لا؟