يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل.
ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز، أو تعويق المقادير، مع تأسفه عليه، ووده لو تيسر له.
ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ، فهو المخطئ.
فإن قلت: إن هذا ليس مما يسلمه الخصم، لجواز أن يكون سفرهم ضم فيه قصد عبادة أخرى إلى الزيارة، بل هو الظاهر، كما ذكر كثير من المصنفين في المناسك: أنه ينبغي أن ينوي مع زيارته التقرب بالتوجه إلى مسجده صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة فيه.
والخصم ما أنكر أصل الزيارة، إنما أراد أن يبين كيفية الزيارة المستحبة، وهي أن تضم إليها قصد المسجد، كما قاله غيره.
قلت: أما المنازعة فيما يقصده الناس (1)، فمن أنصف من نفسه، وعرف ما الناس عليه، علم أنهم إنما يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلى طريق المدينة، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، ثم مع ذلك: هو مغمور بالنسبة إلى الزيارة في حق هذا القليل، وغرضهم الأعظم هو الزيارة، حتى لو لم يكن ربما لم يسافروا، ولهذا قل القاصدون إلى بيت المقدس مع تيسر إتيانه وإن كان في الصلاة فيه من الفضل ما قد عرف.
فالمقصود الأعظم في المدينة الزيارة، كما أن المقصود الأعظم في مكة الحج أو العمرة، وهو المقصود - أو معظم المقصود - من التوجه إليها.
وإنكار هذا: مكابرة، ودعوى كون هذا الظاهر أشد.
وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه، فليسأل كل من توجه إلى المدينة، ما