من هذه الأربعة قربة، لما قررناه.
ولأن السفر إلى المدينة لم يكن قربة لمطلق كونه سفرا، ولا سفرا إلى المدينة، وإنما كان لعلة، وهي قصد القربة، وحيث وجدت العلة وجد المعلول، ولا فرق في الحكم بالقربة على كل واحد من الأربعة بين أن يوجد كليا، أو جزئيا مشخصا، لما قدمناه.
وأما الحكم بكونه مطلوبا أو مندوبا إليه بخصوصه، فلا يتعلق بمشخص منها كان، ولا بواحد من الأربعة بعينه، وإنما يتعلق بواحد منها لا بعينه، ومهما وجد منها كان قربة يتأدى المأمور به في ضمنه.
وهذا التقسيم وحكم كل واحد منها، لا يتأتى فيه نزاع بين العقلاء، سواء قلنا: مقدمة المأمور به مأمور بها، أم لا؟ وهكذا حكم كل كلي طلبه الشرع، ولم ينص على أنواعه.
وأما خصال الكفارة:
فقيل: إن الواجب فيها القدر المشترك بين الخصال، فيأتي في أنواع الخصال ما قلنا في الجزئيات.
والمشهور أن كل خصلة واجبة بعينها على تقدير أن لا يأتي بغيرها، فمتى فعلها وقعت واجبة بخصوصها، لنص الشرع عليها، أعني خصوص العتق مثلا بالنسبة إلى الاطعام والكسوة، وأما إعتاق الرقبة المعينة فهو كأشخاص الكلي بلا إشكال، فيأتي فيه ما سبق من البحث.
فإن قلت: السفر ينقسم:
إلى ما يقصد به المسافر ضم عبادة أخرى إلى الزيارة، كصلاة واعتكاف في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم ولا إشكال في كونه قربة.
وإلى ما يقصد قصره على قصد الزيارة لا غيره، والنزاع إنما هو في هذا.