والإسكندرية - لزمه ذلك فيه، وإن كان من أهل مكة والمدينة، ولا يلزم المشي إلا من قال: (علي المشي إلى مكة) أو (بيت الله) أو (المسجد الحرام) أو (الكعبة) أو (الحجر) أو (الركن) انتهى كلام (التهذيب).
وهو يدل على أنه إنما يلزم إتيان المدينة إذا سمى مسجدها، أو نوى الصلاة فيه، فما عدا هذا لا يلزم بالنذر، وإن كان قربة.
الثالث: إنا قدمنا أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مطلوبة بالخصوص، للأحاديث التي صدرنا بها هذا الكتاب، ولعمل السلف والخلف، ومطلوبة بالعموم، لاندراجها تحت الأحاديث الصحيحة المشهورة في زيارة القبور.
واللزوم بالنذر ظاهر من الجهة الأولى، وأما من الجهة الثانية، فقد قدمنا أن مقاصد الزيارة متعددة، وزيارة القبور - من حيث الجملة - كزيارة القادمين، وقد قدمنا في لزوم زيارة القادمين بالنذر خلافا مع القطع بكونها قربة، وزيارة القبور - من حيث الجملة - مثله.
وزيارة قبر معين إن قصد بها الدعاء له أو أداء حقه، ظهر اللزوم، لحق الميت، وإن قصد التبرك ظهر اللزوم أيضا في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعينه دون غيره، وإن قصد الاتعاظ لم يتعين، وكان لزوم أصل الزيارة على الخلاف، وإن لم يقصد شيئا فأبعد عن اللزوم.
والسائل لمالك رحمه الله إنما ذكر مجرد الإتيان، فلعل مالكا لم يلزمه لذلك، ولعل مالكا رحمه الله لم تبلغه الأحاديث الخاصة الواردة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الخصوص، وإنما يدرجه تحت الأحاديث الواردة في زيارة القبور، وإن كان هو أشرفها وأحقها بالزيارة، ولا يلزمه بالنذر لذلك في حقه، ولا في حق غيره.
الرابع: أن إتيان القبر قد يقصد زيارة من فيه، وهو الذي نقول: بأنه قربة، وهو الذي يقصده الناس غالبا.