وكذلك إذا كان المقصود التبرك ممن لا يقطع له بذلك، وإن كنا نستحب زيارة قبور الصالحين من حيث الجملة، ونرجو البركة بزيارتها أكثر مما يستحب زيارة مطلق القبور.
وأما من يقطع ببركته - كقبور الأنبياء، ومن شهد الشرع له بالجنة، كأبي بكر وعمر - فيستحب قصده.
ثم هم في ذلك على مراتب، أعظمهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أن المساجد المشهود لها بالفضل على مراتب، أعظمها المسجد الحرام.
ولا تشد الرحال في هذا القسم إلى قبر أحد غير الأنبياء.
وإذا كان المقصود الدعاء من غير حق خاص لذلك الميت، فلا يتعين أيضا.
نعم، لو نذره لميت بعينه ممن يجوز الدعاء له، وجب الوفاء بالدعاء، لتعلق حقه به، ولا يقوم غيره مقامه، كما لو نذر الصدقة على فقير بعينه.
وفي وجوب الوفاء بالزيارة مع الدعاء - كما [لو] نذره - نظر، والأقرب وجوب الوفاء، لأن الدعاء عند القبور مقصود، كما في الدعاء لأهل البقيع، وحينئذ يجوز شد الرحل لأداء هذا الواجب بعد لزومه بالنذر، ولا يستحب شد الرحل لهذا الغرض قبل النذر، فإن الدعاء لذلك الميت بعينه عند قبره لم يطلبه الشارع، ولا تعلق به حق الميت.
وأما الزيارة لأداء الحق، كزيارة قبر الوالدين، فيظهر أن قصد ذلك بعينه مشروع، ويجوز، بل يستحب شد الرحال إليه، تأدية لهذا الحق.
وأعظم الحقوق حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيستحب شد الرحال إليه لذلك.
هذا لو لم يرد فيه دليل خاص، فكيف، وقد قام الاجماع على فعله خلفا عن سلف؟!
فإن قلت: ما قولكم فيمن نذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هل ينعقد نذره ويلزمه