ميزان إلزامه على أصحاب الأصنام * (بل فعله كبيرهم هذا) * وإلا فما كان الخليل عليه السلام كاذبا في هذا القول ولا مشركا في تلك الإشارة ثم استدل بالأفول الزوال والتغير والانتقال على أنه لا يصلح أن يكون ربا إلها فإن الإله القديم لا يتغير وإذا تغير احتاج إلى مغير هذا لو اعتقدتموه ربا قديما وإلها أزليا ولو اعتقدتموه واسطة وقبلة وشفيعا ووسيلة فإن الأفول الزوال يخرجه أيضا عن حد الكمال وعن هذا ما استدل عليهم بالطلوع وإن كان الطلوع أقرب إلى الحدوث من الأفول فإنهم إنما انتقلوا إلى عمل الأشخاص لما عراهم من التحير بالأفول فأتاهم الخليل عليه السلام من حيث تحيرهم فاستدل عليهم بما اعترفوا بصحته وذلك أبلغ في الاحتجاج ثم لما * (رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) * فيا عجبا ممن لا يعرف ربا كيف يقول * (لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) * رؤية الهداية من الرب تعالى غاية التوحيد ونهاية المعرفة والواصل إلى الغاية والنهاية كيف يكون في مدارج البداية دع هذا كله خلف قاف وارجع بنا إلى ما هو شاف كاف فإن الموافقة في العبارة على طريق الإلزام على الخصم من أبلغ الحجج وأوضح المناهج وعن هذا قال * (فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر) * لاعتقاد القوم أن الشمس ملك الفلك هو رب الأرباب الذي يقتبسون منه الأنوار ويقبلون منه الآثار * (فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) * قرر مذهب الحنفاء وأبطل مذاهب الصابئة وبين أن الفطرة هي الحنيفية وأن الطهارة فيها وأن الشهادة بالتوحيد مقصورة عليها وأن النجاة والخلاص متعلقة بها
(٥٣)