ولا ملكتم الخلقة الحسنة فتحمدوا عليها وأما ما صار في ملكي وأتى عليه تدبيري فقد استكملت تزيينه وتحسينه بغاية الطوق وقاصية الجهد واستكملتم شين ما في ملككم قالوا فما الذي في الملك من التزيين والتهجين قال أما التزيين فعمارة الذهن بالحكمة وجلاء العقل بالأدب وقمع الشهوة بالعفاف وردع الغضب بالحلم وقطع الحرص بالقنوع وإماتة الحسد بالزهد وتذليل المرح بالسكون ورياضة النفس حتى تصير مطية قدارتاضت فتصرفت حيث صرفها فارسها في طلب العليات وهجر الدنيات ومن التهجين تعطيل الذهن من الحكمة وتوسيخ العقل بضياع الأدب وإثارة الشهوة بإتباع الهوى وإضرام الغضب بالانتقام وإمداد الحرص بالطلب وقدم إليه رجل طعاما وقال له إستكثر منه فقال عليك بتقديم الأكل وعلينا باستعمال العدل وقال زمام العافية بيد البلاء ورأس السلامة تحت جناح العطب وباب الأمن مستور بالخوف فلا تكونن في حال من هذه الثلاث غير متوقع لضدها وقيل له مالك لا تغضب قال أما غضب الإنسانية فقد أغضبه وأما غضب البهيمية فقد تركته لترك الشهوة البهيمية وإستدعاه الملك الإسكندر يوما إلى مجلسه فقال للرسول قل له إن الذي منعك من المصير إلينا هو الذي منعنا من المصير إليك منعك إستغناؤك عني بسلطانك ومنعني إستغنائي عنك بقناعتي وعابته امرأة يونانية بقبح الوجه ودمامة الصورة فقال منظر الرجال بعد المخبر ومخبر النساء بعد المنظر فخجلت وتابت ووقف عليه الإسكندر يوما فقال له ما تخافي قال أنت خير أم شرير قال بل خير قال فما لخوفي من الخير معنى بل يجب على رجاؤه وكان لأهل مدينة من بلاد يونان صاحب جيش جبان وطبيب لم يعالج أحدا إلا
(١٤٢)