وقد اجتهد ابن الهيصم في ارمام مقالة أبى عبد الله في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء مثل التجسيم فإنه قال أراد بالجسم القائم بالذات ومثل الفوقية فإنه حملها على العلو وأثبت البينونة غير المتناهية وذلك الخلاء الذي اثبته بعض الفلاسفة ومثل الاستواء فإنه نفى المجاورة والمماسة والتمكن بالذات غير مسألة محل الحوادث فإنها لم تقبل المرمة فالتزمها كما ذكرنا وهى من أشنع المحالات عقلا وعند القوم ان الحوادث تزيد على عدد المحدثات بكثير فيكون في ذاته أكثر من عدد المحدثات عالم من الحوادث وذلك محال وشنيع ومما اجمعوا عليه من اثبات الصفات قولهم الباري تعالى عالم بعلم قادر بقدرة حي بحياة شاء بمشيئته وجميع هذه الصفات صفات قديمة أزلية قائمة بذاته وربما زادوا السمع والبصر كما أثبته الأشعري وربما زادوا اليدين والوجه صفات قديمة قائمة بذاته وقالوا له يد لا كالأيدي ووجه لا كالوجوه واثبتوا جواز رؤيته من جهة فوق دون سائر الجهات وزعم ابن الهيصم ان الذي أطلقه المشبهة على الله عز وجل من الهيئة والصورة والجوف والاستدارة والوفرة والمصافحة والمعانقة ونحو ذلك لا يشبه سائر ما أطلقه الكرامية من انه خلق آدم بيده وانه استوى على عرشه وانه يجيء يوم القيامة لمحاسبة الخلق وذلك انا لا نعتقد من ذلك شيئا على معنى فاسد من جارحتين وعضوين تفسيرا لليدين ولأي مطابقة للمكان واستقلال العرش بالرحمن تفسيرا للا ستواء ولا ترددا في الاما كن التي تحيط به تفسيرا للمجىء وانما ذهبنا في ذلك إلى اطلاق ما أطلقه القران فقط من غير تكييف وتشبيه وما لم يرد به القرآن والخبر فلا نطلقه كما أطلقه سائر المشبهة والمجسمة وقال الباري تعالى عالم في الأزل بما سيكون على الوجه الذي يكون وشاء لتنفيذ
(١١٢)