أقول: إن التقديم والتأخير فرع المقدار والتجزي، فلا معنى لعدم التناهي فيهما، ولا يخفى أن هذه الروايات تبين الملازمة بين المقدار والتناهي.
ومما ذكرناه ظهر استحالة اللا يتناهى وهو يدل على استحالة الزمان اللا متناهي وقدم المخلوقات مطلقا.
تتمة:
ثم إن جملة من الأدلة العقلية التي أقيمت على حدوث العالم:
منها: كل ما يصح فيه الوجود والعدم المصطلح عليه ب: الحقيقة المقدارية، فهو - لا ريب - موجود بالغير، ولا وجود تأصلي له، كما أن من البديهي أن كل ما يوجد بالغير فهو حادث، لبداهة استحالة إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل.
ومنها: كل ما يوجد بالغير فهو متصف بالزمان، ولا شك الزمان متناه فكل ما يتصف به يكون حادثا.
ومنها: إن مجرد إمكان التعدد والتقارن للممكنات - فضلا عن التغير والتبدل - يدل على استحالة القدم.
ومنها: إن قدم الممكن يستلزم تقارنه مع الخالق، وذلك يستلزم دخول الخالق في المقدار والعدد والزمان والحدوث.
ومنها: برهان التطبيق السالف بيانه الدال على استحالة اللا يتناهى وقدم المخلوق وقد مر تقريره.
فادعائهم بإمكان وجود الممكن القديم باطل بالبداهة فضلا عن الدليل.
ولا يخفى أن هذه البراهين لا تقصر أهميتها عما ذكرناه سابقا من الدلائل العقلية.