كما يظهر فساد ما تخيل بعضهم من أنه: إذا كان العالم - ومن جملته الزمان - حادثا فكان تقدمه تعالى عليه تقدم رتبة لا زمان، وحينئذ فلا معنى لحدوث العالم زمانا، بل العالم حادث ذاتا وقديم زمانا وذلك لعدم وجود فصل زماني بينه تعالى وبين العالم.
والوجه فيه: إن عدم الفصل الزماني بينه تعالى وبين العالم لا يقتضي المعية بينهما بحسب الواقع ونفس الأمر والوجود الخارجي كما التزموها بمقتضى القواعد المسلمة عندهم من أن تقدم العلة على المعلول هو التقدم بالعلية التي يقتضي عدم انفكاك المعلول عن العلة ومعيتهما في التحقق والوجود الخارجي.
وهذا الأمر أيضا لا ينافي ما ذكرناه بأنه تعالى كان واحدا متفردا ولم يكن معه شئ موجودا ثم أوجد الأشياء.
فتلخص، إن عدم الفصل الزماني بين القديم - أي الله تعالى - وبين الحادث - أي العالم - لا يقتضي أزلية العالم، كيف وإن له أول وابتداء، ولم يكن موجودا إلا الله تعالى وحده لا شريك له ثم أوجده تعالى.
ولا يخفى أن قولنا: ثم أوجده.. من ضيق التعبير، ولا يكون شئ من الأشياء موجودا في الأزل معه تعالى بل كان الله ولا شئ موجودا حتى الزمان ثم ابتدء واخترع الشئ، فالشئ مسبوق بعدم حقيقي.
ولذا قال العالم الجليل المتكلم الكراجكي:
اعلم أن الملاحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لا تقدم زمان! فيجب أن نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة؟