السادس:
إنه يستلزم الاعتقاد بقاعدة: الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، لأنه لو صدرت عن العلة الواحدة - وهي التي ليست لها في ذاتها إلا جهة واحدة - معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة غير راجعة إلى جهة واحدة، لزمه تقرر جهات كثيرة في ذاتها، وهي ذات جهة واحدة، وهذا محال، وإن ما يصدر عنه الكثير من حيث هو كثير فإن في ذاته جهة كثرة.
وهذا الاعتقاد فاسد من أصله وباطل بوجوه - وليس هنا محل بحثها - ويكفيك ما أجاب به العلامة الحلي (رحمه الله) حيث قال: بعد تسليم أصوله، إنه إنما يلزم لو كان المؤثر موجبا، وأما إذا كان مختارا فلا، فإن المختار تتعدد آثاره وأفعاله (1).
أقول: إن ما ذكرناه آنفا في الرد على العلية والمعلولية يأتي هنا أيضا من إنه يستلزم أن تكون فاعليته تعالى للأشياء بالذات لا بالإرادة، ويلزم السنخية بينهما، وأن يكون موجبا في فعله، وأن يتعدد القديم، مضافا إلى أنه مخالف لما ثبت عقلا وشرعا في أصول التوحيد من أنه لا مؤثر في إيجاد الموجودات إلا الله تعالى.
فاعلية الله تعالى بالقدرة والمشية إن فاعليته تعالى وخالقيته ليست بالعناية ولا بالرضا ولا بالتجلي ولا..
بل إن الله تعالى فاعل بالقدرة والمشية.