الحادث والموهوم، والدهر والسرمد، بل التعبير بالزمان هنا من باب ضيق العبارة ومجرد اصطلاح، إذ القائل بحدوثه بالمعنى المذكور قائل بحدوث الزمان أيضا، لأنه من أجزاء العالم.
والمقصود واضح وهو أنه تعالى أبدع وأحدث وأوجد الأشياء بعد أن لم تكن بعدية حقيقية كما هو مضمون الآيات والأخبار المتواترة، والمخالف في المسألة هم الفلاسفة، والمشهور منهم يقولون بأن ما سوى الله حادث بالذات وقديم بالزمان.
جواز الاستدلال بالأدلة السمعية في المسائل الكلامية قد يقال: إن المسألة - أي بحث حدوث العالم - من المسائل العقلية الكلامية التي لا ينفع فيها التمسك بالإجماع، لأن الإجماع الحجة ما كان كاشفا عن قول الإمام (عليه السلام) في المسائل الشرعية لا في المسائل العقلية إذ الاستكشاف المزبور إنما يتأتي فيما إذا كان شأن الشارع بيانه والحجة في المطالب العقلية هي العقل الحاكم فيها.
والجواب: هو أن كون المسألة عقلية كلامية لا يمنع عن التمسك بالإجماع وساير الأدلة السمعية فيها.
فإنه بعد إثبات وجود الخالق تعالى ونبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو فرضنا أمرين ممكنين في أنفسهما وقد صرح الشرع بتعيين أحدهما لوجب الاعتقاد به فضلا عما إذا كان أحد الأمرين مستحيلا في نفسه، وهو القدم لغير الله.
بل الاعتماد في كثير من المسائل الكلامية إنما هو عليه، ألا ترى أن المحقق الدواني وسائر المتكلمين قد تمسكوا في إثبات هذه المسألة - أي حدوث العالم