وبعبارة أخرى: إنه تعالى فاعل بالمشية عن قدرة وعلم.
والمراد من قدرته تعالى هو كون ذاته تعالى مختارا فعالا لما يشاء وتاركا لما يكره سواء كان من شئ أو لا من شئ وسواء كان شيئا واحدا أو أشياء كثيرة ولو في رتبة واحدة، (1) فكان تعالى بذاته قادرا حقيقة على إبداع كل شئ فليست فاعليته كفاعلية سائر الأشياء إذ ليس كمثله شئ.
وهذا النحو من الفاعلية والقدرة إنما يكون من الكمال بالضرورة، فلو لم تكن ذاته المقدسة كذلك لزم نقصه - تعالى عن ذلك علوا كبيرا - كما تشهد الفطرة السليمة الأولية على معرفته تعالى كذلك.
امتناع صدور شئ واحد مركب عن الذات البسيطة إن قلت: مقتضي قاعدة: إن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، هو امتناع صدور شئ واحد مركب عن الذات البسيطة فضلا عن صدور أشياء كثيرة في رتبة واحدة.
قلت: هذه القاعدة - لو سلمت - إنما تجري عقلا فيما إذا كان الفاعل منفردا عن معنى الفاعلية الحقيقية، بل كان أثره على نحو الفيضان والترشح منه كما ذكرناه آنفا.
ولكن حيث إن فاعليته تعالى ليست على نحو الفيضان والتنزل بل هي