وبعبارة أخرى: إن مراد الفلاسفة من قولهم: إن العالم حادث بالذات وقديم بالزمان هو: عدم كونه في مرتبته تعالى الذي هو علة للأشياء، وأنه تعالى يتقدم على الأشياء تقدم العلية، وإن كان بحسب الواقع والخارج ليس بينهما تقدم وتأخر في الوجود وكان بينهما معية.
وهذا المعنى هو ما نفاه الكتاب والسنة المتواترة والإجماع والضرورة.
وقد تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام) - بألفاظ مختلفة -: كان الله ولم يكن معه شئ، ثم خلق الأشياء اختراعا وابتداء.
* كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" يا علي! إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه " (1).
* وقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" كان الله ولا شئ معه، فأول ما خلق نور حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) " (2).
وقد صرحوا (عليهم السلام) بعدم معية شئ من الأشياء معه تعالى وأثبتوا الابتداء لوجود كل مخلوق.
وبذلك يظهر فساد ما قيل (3): من أن ما اتفق عليه جميع أرباب الملل والمذاهب، ودلت عليه الأخبار والآثار هو الحدوث الذاتي لا الزماني (4).