بالعقل. والمراد بالشكر ههنا صرف العبد جميع ما أعطي له إلى ما خلق لأجله، كالعين لمشاهدة ما يحل مشاهدته، ليستدل به على عجب صنعة الحق تعالى ويعلمهم، وأرادوا بالصرف الصرف الذي يدرك بالعقل، لا الصرف مطلقا، وإلا فلا معنى لدعوى العقلية " (1).
وقال المقبلي:
" مسألة التحسين والتقبيح... جميع العقلاء يعلمون تحقق ماهية الإحسان والإسائة ونحوهما وخاصة كل منهما والفرق بينهما، وأن الإحسان يقبل العقول الرفع من شأن المتصف به ولا تأباه، وتأبى الحط من شأنه ولا تقبله، والعكس في الإساءة. هذا تحرير محل النزاع، فمن أنكر القدر الذي ذكرناه فقد كابر فلا يستحق المناظرة، وما زاد على هذا، فليس من محل النزاع، بل بعضه تفريع غير صحيح...
فإن قلت: كيف تقول: جميع العقلاء؟ والقول بنفي ما ذكرت نار على شاهق، والمدعون لذلك يدعون الأكثرية، وكيف يمكن إطباق الجم الغفير على إنكار الضرورة؟
قلت: إنما أنكر الإحسان والإساءة ونحوهما نزر من النظار في معركة الجدال، وهم مع سائر العقلاء في جميع تصرفاتهم الدينية والدنياوية عاملون عليها.
ولنضرب لك مثلا ملكين متصلي المملكة، أما أحدهما ففي غاية العدل والإنصاف، وأما الآخر ففي غاية الجور، قد اغتصب أموالهم وعم فجوره...
فمن لم يقر أن عقله يقبل الرفع من شأن العادل بالمدح وما هو من قبيله، ويأبى