وذلك للبون الشاسع بين تمسك الإمامية بقضية عدم انتفاء المسبب بانتفاء السبب، وبين تمسك الرازي بها، ولا أظن خفاء ذلك الفرق على أدنى المحصلين، فضلا عن إمام المناظرين في العلوم العقلية والنقلية؟! لكن التعصب واللجاج يغلب على الفهم ويعمي العين...
وبالجملة، إن تمسك الإمامية بتلك القضية هو في مقام رد استدلال أهل السنة، ومن الواضح كفاية الاحتمال لإبطال الاستدلال، وتمسك الرازي بها هو في مقام الاستدلال، ولا يكفي للمستدل مجرد الاحتمال.
وبيان كيفية استدلال الإمامية هو: أنهم يستدلون بحديث المنزلة - بعد إثبات عموم المنزلة - قائلين بأن من منازل هارون كونه مفترض الطاعة، فيجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام مفترض الطاعة كذلك... فهذا منهم استدلال وهم في مقام الادعاء.
من قواعد فن المناظرة فإن قال قائل من أهل السنة في الجواب: بأن افتراض الطاعة كان مسببا عن النبوة، وحيث هي منتفية عن أمير المؤمنين عليه السلام، فافتراض الطاعة منتف كذلك، لانتفاء المسبب بانتفاء سببه فقد خالف الأدلة المتفق عليها، ثم إنه يكون المدعي وعليه إثبات أنه إذا انتفت النبوة انتفى وجوب الطاعة، وهذا أول الكلام، وللإمامية منعه مع قولهم بافتراض الطاعة، وحينئذ يكفي للمنع مجرد إبداء احتمال عدم الانتفاء، وعلى أهل السنة إثبات الملازمة، حتى تقع المعارضة ويكون التساقط.
هذا واقع المطلب، وهو ما يقتضيه قواعد المناظرة... وإن كنت في شك مما ذكرناه، فلنورد كلام بعض المحققين في فن المناظرة: