لم يكن له مرتبة أعلى من الاستخلاف، وهي الشركة في النبوة " (1).
فجعل الرافع للنقص والتنفير الحاصل بالعزل: الشركة في النبوة.
لكن هذه الشركة في النبوة كانت حاصلة له قبل الاستخلاف، وبعد العزل المزعوم، فأين العود إلى مرتبة أعلى ترفع النقص الحاصل بسبب العزل؟
خلاصة الكلام في هذا المقام وتلخص من جميع ما ذكرنا:
1 - إن العزل عن الخلافة نقص وعيب ومنفر.
2 - إن المنفر لا يجوز حصوله بالنسبة إلى النبي، لما تقرر من أن النبي يجب أن يكون سالما عن جميع المنفرات.
3 - إن جميع ما ذكروه لرفع إشكال حصول المنفر عن هارون عليه السلام - بسبب ما زعموه من عزله عن خلافة موسى - غير رافع للإشكال.
أما التمثيل بعادة السلاطين، فقد عرفت ما فيه.
وأما أن النبوة المستقلة الحاصلة لهارون ترفع النقص والعيب الحاصل بعزله، فقد رأيت اضطرابهم في بيان ذلك، فتارة جعلوا العزل مقارنا للرجوع من الطور وحصول النبوة بعد موسى.
وأخرى: جعلوا العزل بعد وفاة موسى لا عند رجوعه من الطور.
وثالثة: جعلوا العزل في حياة موسى وحصول النبوة في حياته أيضا.
ورابعة: جعلوا مجرد الشركة في النبوة رافعا للنقص الحاصل بسبب العزل.
والكل - كما رأيت - بمعزل عن الصواب، مستغرب غاية الاستغراب عند أولي الألباب.