هارون من غير تقية وخوف.
وللشيعة أن يقولوا: إن هارون صرح بالحق وخاف فسكت، ولهذا عاتبه موسى بما عاتب، فاعتذر بأن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، وهكذا علي امتنع أولا من البيعة، فلما آل الأمر إلى ما آل أعطاهم ما سألوا. وإنما قلت هذا على سبيل البحث لا لأجل التعصب " (1).
وتراه - في آخر كلامه - يخاف من عناد المتعصبين وتعنت العاذلين فيقول: " إنما قلت هذا على سبيل البحث لا لأجل التعصب " ليوضح أن ما قاله ليس إلا إحقاقا للحق وإجهارا بالإنصاف، ومخالفة للتعصب والاعتساف.
فلله الحمد الذي يحمل بعض القوم على التصريح بالحق دفعا للتعصبات الباردة من البعض الآخر منهم.
وعلى الجملة، فلا ريب في أن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام كانت عن خوف واضطرار وتقية، كما كان سكوت هارون كذلك، والأخبار والروايات الكثيرة تدل على ذلك، وليس ما ذكره النيسابوري إلا شاهدا من شواهده...
وسنذكر طرفا من تلك الأخبار، ونكتفي في هذا المقام بما روي من أن أمير المؤمنين عليه السلام خاطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قائلا " يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " تماما كالذي قاله هارون...
قول الأمير: يا ابن أم إن القوم استضعفوني...
ومن رواة هذا الخبر: ابن قتيبة الدينوري.
وتوجد ترجمته وثقته واعتبار رواياته وأخباره في:
تاريخ بغداد 10 / 170.