تصريح محمد الأمير بدلالة الحديث على الأفضلية وقال محمد بن إسماعيل الأمير - في (الروضة الندية) -:
" وكهارون غدا في شأنه * منه إلا أنه ليس نبيا البيت واضح الألفاظ، والإشارة إلى حديث المنزلة الشهير، الذي رواه من الصحابة الجم الغفير، وإن من رزق اطلاعا على كتب الأحاديث الحافلة علم تواتر ذلك، ولنتشرف بسرد ما ورد من ذلك مما عرفناه...
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أنت مني. قال بعضهم: إن " من " فيه لبيان الجنس. أي: أنت من جنسي في تبليغ والأداء ووجوب الطاعة ونحو ذلك.
قلت: ويصح أن تكون تبعيضية مثل ما في قوله تعالى عن خليله: * (فمن تبعني فإنه مني) * أي فإنه بعض مني، لفرط اختصاصه بي واتصاله وتبعيته لي وتعبده لأمري، ويكون قوله: بمنزلة هارون من موسى. بمنزلة بيان لهذه البعضية والخصوصية، و " الباء " للمقابلة. أي: أنت بعض مني يقابل منزلك منزلة هارون من موسى، فكما أن هارون بعض من موسى فأنت تقابل منزلته وتساويها، ويحتمل تخريجات أخر هذا أقربها في ذلك.
ولا يخفى أن هذه منزلة شريفة ورتبة علية منيفة، فإنه قد كان هارون عضد موسى الذي شد الله به أزره، ووزيره، وخليفته على قومه حين ذهب لمناجاة ربه.
وبالجملة، لم يكن أحد من موسى عليه السلام بمنزلة هارون عليه السلام، وهو الذي سأل الله تعالى أن يشد به أزره ويشركه في أمره، كما سأل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أسماء بنت عميس، وأجاب الله نبيه عليه السلام بقوله: * (سنشد عضدك بأخيك) * الآية. كما أجاب