وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى عليه السلام * (إنا هدنا إليك) * أي: رجعنا وتضرعنا، وهم أمة موسى عليه السلام، وكتابهم التوراة، وهو أول كتاب نزل من السماء، أعني أن ما كان ينزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء - عليهم السلام - ما كان يسمى كتابا بل صحفا، وقد ورد في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده. فأثبت لها اختصاصا آخر سوى سائر الكتب.
وقد اشتمل ذلك على أسفار...
وأنزل على الألواح...
قالوا: وكان موسى - عليه السلام - قد أفضى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع بن نون وصيه من بعده، ليفضي إلى أولاد هارون، لأن الأمر كان مشتركا بينه وبين أخيه هارون - عليهما السلام - إذ قال: * (وأشركه في أمري) * وكان هو الوصي، فلما مات هارون في حياته انتقلت الوصاية إلى يوشع بن نون وديعة ليوصلها إلى شبر وشبير ابني هارون قرارا، وذلك أن الوصية والإمامة بعضها مستقر وبعضها مستودع، واليهود تدعي أن الشريعة لا تكون إلا واحدة، وهي ابتدأت بموسى عليه السلام وتمت به، فلم يكن قبله شريعة إلا حدود عقلية وأحكام مصلحية، ولم يجيزوا النسخ أصلا " (1).
الثناء على الشهرستاني والثناء على أبي الفتح الشهرستاني في كلمات المترجمين له كثير، لا بأس بذكر طرف منه في هذا المقام:
قال ابن خلكان: " أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر