يقم بذلك غيره إلا على وجه النيابة عنه، ولا ضير فيه. فكذلك أمير المؤمنين عليه السلام النازل منزلة هارون...
وليتأمل العاقل اليلمعي في تهافتات الرازي وتناقضاته... كيف ينكر تارة ترتب الفائدة على استخلاف هارون، وأخرى يوجب ترتبها وإلا فلا استخلاف؟
لكن مقصود الإمامية هو دلالة استخلاف هارون عليه السلام على ثبوت ثمرة الخلافة له، وسواء كانت هذه الثمرة حاصلة له قبل الاستخلاف، وكان الاستخلاف مؤكدا، أو كانت حاصلة من حين الاستخلاف.. فإن استدلال الإمامية تام بلا كلام... بل إن ثبوتها له من قبل أنفع وأبلغ للاستدلال، فلا ترد شبهة انقطاع الخلافة أبدا.
وأيضا، قد عرفت المشابهة بين حال هارون قبل استخلاف موسى إياه، وبين حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل بعثته بالرسالة، فالفائدة المترتبة على بعثته بعد الأربعين - مع ثبوت نبوته قبل خلقه - مترتبة على استخلاف هارون، مع ثبوت افتراض طاعته قبله.
وأيضا، فإن نفس الاستخلاف شرف عظيم وفضل جليل... كما عرفت سابقا...
ثم قال الرازي:
" ثم إن سلمنا أن هارون لو عاش بعد موسى عليهما السلام، لكان منفذا للأحكام. ولكن لا شك في أنه ما باشر تنفيذ الأحكام... " إلى آخر ما سبق.
وحاصل هذا الكلام: دلالة وفاة هارون قبل موسى على سلب الخلافة عن أمير المؤمنين عليه السلام... وقد عرفت جوابه بوجوه عديدة وطرق سديدة.
فدعوى الرازي التعارض والتساقط ساقطة عن الاعتبار.