وأما قوله:
" وعندهم عن ذلك أن هارون عليه السلام إنما لم يباشر عمل الإمامة لأنه مات قبل موسى عليه السلام، وأما علي - رضي الله عنه - فإنه لم يمت قبل النبي عليه السلام، فظهر الفرق. فجوابنا عنه: أن نقول... " إلى آخر ما سبق.
فالغرض منه الرد على كلام السيد المرتضى علم الهدى في (الشافي)، والحال أن كلامه في غاية القوة والمتانة، وإيراده بالاختصار والإجمال ليتيسر نقضه، بعيد عن دأب أهل العلم والفضل...
هذا مضافا إلى الوجه الآخر الذي ذكره السيد بقوله: " لأن هارون وإن لم يكن خليفة.. " فإن السيد رحمه الله عارض القاضي عبد الجبار بقوله: " ولو كان ما ذكره صحيحا لوجب... " وكان على الرازي أن يجيب عن هذا الوجه الجواب الشاف لو أمكنه لا أن يورده ملخصا على وجه غير مرضي، فيجيب عنه بزعمه جوابا لا يغني...
ونقول للرازي: إنه إنما يلزم انتفاء المسبب من انتفاء السبب، لو كان السبب واحدا لا متعددا، ومع تعدده فإنه غير لازم كما بينا آنفا... ومن هنا لم يدع الرازي - جازما - انتفاء المسبب بانتفاء السبب، وإنما قال مرددا: " إما أن يلزم من انتفاء السبب انتفاء المسبب أو لا يلزم... " فعبارته تدل بوضوح على عدم جزمه بالانتفاء، لكن المقلدين له تجاسروا على الدعوى، وزعموا أن انتفاء النبوة يستلزم انتفاء فرض الطاعة.
وأما قوله في فرض عدم لزوم انتفاء المسبب من انتفاء السبب: " عدم إمامة هارون عليه السلام إنما كان لموته قبل موسى عليه السلام، فوجب أن لا يلزم من عدم موت علي - رضي الله عنه - قبل رسول الله عليه السلام أن لا يحصل له المسبب وهو نفي الخلافة " فغريب جدا.