فإن حب الله إذا ورثه القلب استضاء وأسرع إليه اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، تكلم بالحكمة (1)، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة، فإذا عمل بها في القدرة عرف الأطباق السبعة، فإذا بلغ إلى هذه المنزلة صار يتقلب فكره بلطف وحكمة وبيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى، فعاين ربه في قلبه، وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون. إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب، وإن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذ بهذه الصفة إما أن يسفل أو يرفع، وأكثرهم يسفل ولا يرفع إذا لم يرع حق الله ولم يعمل بما أمر به فهذه منزلة من لم يعرفه حق معرفته، ولم يحبه حق محبته، فلا تغرنك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وكلامهم وعلومهم؛ فإنهم حمر مستنفرة.
ثم قال: يا يونس، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت؛ فإنا ورثناه، وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب. (2) 3658. حلية الأولياء عن إبراهيم بن أدهم: إن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا (عليهما السلام): إني قضيت على نفسي ألا يحبني عبد من عبادي أعلم ذلك منه إلا كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي