للخليفة من بعده وأن يردد في العشي والإبكار، نشاهده يخاطب الله عز وجل متضرعا:
أنت العالم وأنا الجاهل (1) وأنها لحقيقة واقعية علمية دقيقة!! إن الإمام (عليه السلام) لم يكن ليجامل أو ليبالغ أو ليحيد عن إطار الحقيقة قيد شعرة، وكل ما يصدر عنه عين الحقيقة لا ذرة من زيادة أو ذرة من نقصان.
العالم من عرف قدره هذه عبارة أخرى للإمام علي (عليه السلام) أيضا في صدد علائم العالم الحقيقي والتمييز بينه وبين أشباه العلماء وإن كانت على الظاهر شبيهة بسالفتها في المعنى، وأما كامل قوله (عليه السلام) فهو:
العالم من عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره (2) ولا يخفى أن المراد من " قدره " هو مقدار علمه، أي: أن العالم الحق هو من عرف مقدار علمه وسلم من الغرور العلمي وداء رؤية النفس عالما، ومن لم يبلغ هذه المعرفة ولم يعرف قدر ما يعلم بالنسبة لما يجهل ليس جديرا بأن يسمى عالما، وكائنا ما كان مقدار مالديه من العلوم المختلفة فإن جهله هذا كاف للتضليل وسقوط الاعتبار عن آرائه وعقائده.
2. التعطش المتنامي لاكتساب العلم بعد أن يزن العالم معلوماته بالنسبة لمجهولاته بميزان الدقة ويفهم أن ما يعلم بالنسبة لما لا يعلم، شئ لا يحتسب، يشتد ظمأ الاطلاع والوعي في روحه، ويزيد العشق والولع بالعلم قدرته وسعيه لمعرفة حقائق الوجود كما قال الإمام (عليه السلام):