الواقعيين، بل إن الموجودات في العالم على الإطلاق كائنا كائنا وذرة ذرة موجودات معقدة مشبعة بالأسرار ولم تعرف أيضا، وقيل: إن عالما فرنسيا يدعى فيلستي دي لامنه قال: " لو أن أحدا استطاع أن يعرف حبة الرمل وضعت الله في اختياره ".
اللهم لا حبة الرمل الواحدة بل الذرة من ذراتها أيضا لا تزال تعجز الإنسان عن وضع تعريف دقيق لها، أليس هذا، ما نراه من أن العلم يكتشف كل يوم أسرارا جديدة داخل قلعة الذرة وأسرارها المكنونة؟! أليس هذا إشارة إلى عجز العلم حتى الآن عن معرفة ذرة من ذرات الوجود معرفة كاملة؟!
ومن ثم فإن الوجود قاطبة - في نظر العالم الواقعي على خلافه في نظر العالم الخيالي - مليء بالأسرار معقد غير معروف، وما ازداد العالم علما على علم إلا ازداد معرفة بأسرار الوجود وتعقيده، مما يؤدي إلى ظهور مزيد من العلامات المحتاجة للتحقيق، كما يتضح له مزيد من المجهول.
وبناء عليه، فكلما ازدادت معلومات الإنسان ازدادت مجهولاته، حتى يرى العدد قاصرا عن بيان المسافة بين معلوماته ومجهولاته، وذلك لأن معلوماته محدودة ومجهولاته لا يتناهى، والعدد عاجز عن إحصاء ما لا يتناهى، وثمة كان قول الإمام علي (عليه السلام):
إن العالم من عرف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل، فعد نفسه بذلك جاهلا.
وهذا بعينه معنى القول المنسوب إلى سقراط:
بلغت من العلم حتى علمت أني جاهل (1)