حسبنا أن نتصور أنه إذا كان بين أصحاب الإمام - المواكبين له المغمورين بفيض من النور والعلم والمعرفة والروح المعنوية - أفراد لم يكن في استطاعتهم أن يصدقوا أن شخصيات ذات ماض مشرف كطلحة والزبير على ضلال في قتالهم عليا (عليه السلام)، فما الذي يمكن أن يتوقع ممن عاصروا الإمام ولم يروه؟
ومهما كان، فقد أجاب الإمام عن سؤال الحارث بكلام هو بحق كما قال طه حسين: " ليس هناك كلام أكثر إحكاما ورفعة من هذا ". وقال: " لم يسمع كلام بهذه العظمة منذ سكت الوحي وانقطع نداء السماء ".
أما جواب الإمام (عليه السلام) فهو:
لا يعرف الحق بالرجال، إعرف الحق تعرف أهله. (1) أي: أن اشتباه الأمر عليك وأمثالك هو أنك - بدلا من أن تجعل الحق والباطل مقياسا وميزانا للشخصيات - اتخذت الشخصيات معيارا للحق والباطل، أتريد أن تعرف الحق بمقياس الأفراد؟!؛ ولو أنك أجزت لنفسك أن تفكر لعلمت أن الأمر على العكس تماما، فالشخصيات - مهما بلغوا من التعين والثقة في الاعتماد عليهم - لا يمكن أن يكونوا معيارا لمعرفة الحق والباطل، بل الحق والباطل، هما معياران لمعرفة الشخصيات، فإذا عرف الانسان الحق فقد عرف أهله وإن لم تكن لهم سوابق ظاهرة أو صيت ذائع، وإذا عرف الباطل تشخص موالوه وإن كانوا من ذوي السوابق الطيبة وعلى مقام من احترام الناس.
التقليد في فروع الدين ثبت لدينا حتى الآن أن التقليد في أصول العقائد مذموم مردود في نظر العقل وفي رأي القرآن والحديث، والسؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن هنا هو: ما حكم