المعارف التي أودعها الله عز وجل في طبيعة كل إنسان؛ ليعثر بواسطتها على الطريق الذي يقوده إلى الكمال، ويسير بها على طريق الغاية النهائية لعالم الخلقة. وقد عبر القرآن الكريم عن هذه المعارف الفطرية بإلهام الفجور والتقوى، وذلك في قوله:
(ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها). (1) وهو ما يسمى اليوم بالوجدان الأخلاقي.
يعتبر عقل الطبع أو الوجدان الأخلاقي مبدأ للإدراك، وفي الوقت ذاته كمبدأ للحفز، ولو قدر له الانبعاث والتنامي على أساس تعاليم الأنبياء ليتسنى للإنسان الاستفادة من سائر المعارف التي اختزنها عن طريق الدراسة والتجربة، ولتيسر له تحقيق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو إليها. أما إذا مات عقل الطبع على أثر اتباع الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فلا تنفع الإنسان عند ذاك أي معرفة في إيصاله إلى الحياة المنشودة، مثلما ورد في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي شبه فيه عقل الطبع بالعين، وعقل التجربة بالشمس. ولا شك في أن رؤية الحقائق تستلزم وجود عين سليمة من جهة، ووجود نور الشمس من جهة أخرى. وكما أن نور الشمس لا يحول دون زلل الأعمى، فكذلك لا ينفع عقل التجربة في الحيلولة دون زلل من مات لديه عقل الطبع والوجدان الأخلاقي وسقوطه.
الفرق بين العاقل والعالم يأتي في مدخل القسم الرابع أن لكلمة " العلم " في النصوص الإسلامية استخدامين: يعنى أحدهما بجوهر العلم وحقيقته فيما يتناول الآخر قشره الظاهري فحسب. في الاستخدام الأول هنالك تلازم بين العقل والعلم كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: