وتحتل موقعها الأفضل لدى من ينقل الحديث إليهم، ولكنها بالنسبة للراوي مفيدة لو أنها اقترنت بالدراية، ورواية الحديث دون درايته - كما جاء في كلام الإمام (عليه السلام) - لا تجدي نفعا للراوي، بل ربما في بعض الأحيان مضرة له ولغيره أيضا، إذ لو لم يكن الراوي على علم بالحديث فقد يتسبب حتى في تحريفه، ولهذا قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
عليكم بالدرايات لا بالروايات. (1) وجاء في كلام آخر له (عليه السلام):
همة السفهاء الرواية، وهمة العلماء الدراية (2) ونستخلص من هذه الروايات وأمثالها (3) ملاحظتين مهمتين:
الأولى: أن الإسلام يقدر التحقيق ومعرفة الحقيقة وتجنب التقليد في المسائل النظرية تقديرا بالغا وأن المهم في نظر هذا الدين القويم هو العلم به، لا روايته المجردة عن الفهم والتقدير، بعبارة أخرى: إن الإيمان يتحتم عن طريق المعرفة والعلم، لاعن طريق التعبد العشوائي.
والثانية: أن هداة هذا الدين واثقون بقطعية مطابقته للموازين العلمية والعقلية، على نحو لو أن أهل التحقيق كانوا من أهل الإنصاف أيضا لوقفوا على حقانية الإسلام، وإلا فما معنى كل هذا التأكيد والحث على التحقيق؟!
علاقة العلم بالإيمان تثير مسألة الترابط بين العلم والإيمان - من وجهة النظر الإسلامية - لدى المحققين