كلام حول الجاهلية القرآن يسمي عهد العرب المتصل بظهور الإسلام بالجاهلية، وليس إلا إشارة منه إلى أن الحاكم فيهم يومئذ الجهل دون العلم، والمسيطر عليهم في كل شئ الباطل، وسفر الرأي دون الحق، وكذلك كانوا على ما يقصه القرآن من شؤونهم.
قال تعالى: (يظنون بالله غير الحق ظن الجهلية) (1)، وقال: (أفحكم الجهلية يبغون) (2)، وقال: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجهلية) (3)، وقال: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى). (4) كانت العرب يومئذ تجاور في جنوبها الحبشة وهي نصرانية، وفي مغربها إمبراطورية الروم وهي نصرانية، وفي شمالها الفرس وهم مجوس، وفي غير ذلك الهند ومصر وهما وثنيتان وفي أرضهم طوائف من اليهود، وهم - أعني العرب - مع ذلك وثنيون يعيش أغلبهم عيشة القبائل، وهذا كله هو الذي أوجد لهم اجتماعا همجيا بدويا فيه أخلاط من رسوم اليهودية والنصرانية والمجوسية، وهم