4. اتهام الرأي الذاتي ورابعة علامات العالم الحق فيما أورده الإمام (عليه السلام) من خصائص هي اتهام الشخص رأيه ونظره.
فالعالم الواقعي الواعي - لأن مجهولاته لا تتناهى - لا يبرئ رأيه أو نظره من الخطأ مطلقا، بل إنه لينظر إليه بعين الاتهام، ولا يعتبر أي فرضية نظرية علمية منطقية منطبقة على الواقع ما لم تثبت لديه بصورة قطعية.
فما أكثر الآراء والعقائد التي ظلت القرون المتمادية على العالم باعتبارها نظريات علمية قطعية، لا يتبادر الشك في صحتها لأي إنسان، أو يسمح إنسان لنفسه بالارتياب في صحتها، حتى أثبت التطور العلمي بطلانها؟! ودونك فرضية بطليموس في علم الهيئة وأمثالها في المسائل النظرية ليست قليلة.
5. اختيار الصمت وخامسة ميزات العالم الحق في كلام الإمام (عليه السلام) هي ملازمة الصمت.
إن العالم الواقعي المدرك - بأن معلوماته نزر يسير أمام مجهولاته التي لا تعد ولا تحد لا يسمح له عقله إبداء رأيه في كل مسألة.
روى الشهيد الثاني رحمه الله عن القاسم بن محمد بن أبي بكر - أحد فقهاء المدينة المتفق على علمه وفقهه بين المسلمين - أنه سئل عن شئ فقال:
لا أحسنه، فقال السائل: إني جئت إليك لا أعرف غيرك فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي، والله ما أحسنه. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي ألزمها، فقال: والله ما رأيتك في مجلس أنبل منك مثل اليوم، فقال القاسم: