وروي عن ابن سينا أيضا:
والقلب وإن بذل غاية جهده في هذا الوادي * لم يعرف قيد شعرة رغم أنه شق شعرة فاعتبار العالم الواقعي نفسه جاهلا نسبيا لا يقتصر على سقراط وأبي علي وأمثالهما، وإنما - كما قال الإمام علي (عليه السلام) - هو من المميزات الخاصة بالعلماء الحقيقيين على الإطلاق بدون استثناء، وما العالم إلا هذا.
فلنر ماذا يقول الإمام علي (عليه السلام) عن علمه، وكيف يقارن بين ما يعلم وما يجهل: إن هذا الإمام الفذ الذي يقول:
سلوني قبل أن تفقدوني. (1) إن هذا الإمام العبقري الذي يقول:
عندي علوم الأولين والآخرين. (2) إن هذا العالم الذي تنقصف الأقلام وتكل الألسن في وصفه ولن تبلغ غايتها يقول:
اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة. (3) إن هذا العالم العظيم، مع علمه الغزير هذا الذي يستهلك الأسماع دون وفاء الاستماع، يعتبر ما يعلمه بالنسبة لما يجهل، لا يعد شيئا، وعندما يتضرع بالدعاء إلى ربه، يقارن علمه بالعلم الذي لا حصر له، علم الله سبحانه، فيقر أمامه ويعترف بجهله.
ففي دعاء " يستشير " الذي ذكر (عليه السلام) بأن النبي (صلى الله عليه وآله) علمه إياه وأوصاه أن يعلمه