كانت نبوته والتعاليم التي جاء بها من قبل الله تعالى لتنظيم شؤون الحياة تطابق الموازين العقلية والمعايير العلمية، وحتى إن العلماء لو عن لهم تقصي حقائقها لثبت لهم بكل جلاء صدق ارتباطه بمبدأ الوجود: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد). (1) وانطلاقا من هذه الرؤية، كان يحذر الناس بشدة من اتباع ما لا علم لهم به ويتلو عليهم الآية الكريمة: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا). (2) تحذير قرآني كثيرا ما يؤكد القرآن ضرورة استمرار نهضة الإسلام العلمية والثقافية ويحذر المسلمين لئلا يعودوا بعد الرسول إلى ما كانوا عليه في عهد الجاهلية، بقوله: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقبكم). (3) وتعني هذه الآية، وكذلك الآية 33 من سورة الأحزاب: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) وفقا لتفسير الإمام الباقر (عليه السلام): " أي سيكون جاهلية أخرى " إشارة إلى عودة الجهل في تاريخ الإسلام، حتى إنه صلوات الله عليه قال في هذا الصدد:
" بعثت بين جاهليتين؛ لأخراهما شر من أولاهما ". (4)