والجهل غير قابلة للانفصام هي الأخرى، وهل كل جاهل كافر، وكل كافر جاهل؟
أو هناك صلة أخرى تربط بينهما؟
العلاقة بين الجهل والكفر الحق أن صلة الجهل بالكفر ليست كصلة العلم بالإيمان، فالجهل والكفر ليسا توأمين لا ينفصلان أو يفترقان؛ ذلك لأنه من الممكن أن يكون الإنسان جاهلا ولا يكون كافرا، كما يمكن أن يكون كافرا ولا يكون جاهلا.
ولتوضيح هذا الإجمال تستدعي الضرورة الانتباه إلى مقدمتين:
إحداهما: حول معنى الكفر والكافر.
والثانية: حول صور الإنسان في مواقفه التي يتخذها لمواجهة الحقائق المعلومة والمجهولة.
أ - معنى الكفر والكافر الكفر في اللغة: الإخفاء والستر، لذا يقال لكل من، ولكل ما أخفى شيئا، أنه كفره، ويطلق عليه أنه كافر.
والإخفاء نوعان: عيني واعتباري، فالإخفاء العيني كإخفاء بذرة تحت التراب، والاعتباري كإخفاء الحق بالباطل، والعكس صحيح.
وعليه، لو أظهر الإنسان شيئا على خلاف علمه واطلاعه واعتقاده فعمله يحتسب كفرا ويطلق عليه أنه كافر، ومن يعرف حقيقة ويقول لا أعرفها، وكذلك من لا يعرف حقيقة ويقول أعرفها، فكلاهما كافر؛ لأن الأول قد أخفى علمه، والثاني قد أخفى جهله، أما من لا يعرف حقيقة ويصرح بقوله لا أعرفها فهذا ليس بكافر، وإنما هو جاهل.