لارتكاب الخطأ فيما يقول، على خلاف المبتلى بالغرور المؤوف باعتبار النفس عالما الذي يبدي رأيه ارتجالا دون تأمل في كل ما يعرض عليه.
7 - عدم إنكار المجهول وآخر العلامات التي حدد بها الإمام (عليه السلام) شخصية العالم الحق - والذي يستحق من وجهة نظر الإمام (عليه السلام) أن يقال عنه عالم - هي عدم إنكاره ما جهل وما ليس يعلم:
" وإن ورد عليه ما لا يعرف لم ينكره لما قرر به نفسه من الجهالة ".
هذا المعافى السالم من الغرور العلمي العارف ضآلة معلوماته وعدم تناهي مجهولاته لا يجيز له عقله على أي حال أن ينكر ما لا يعرفه وما هو مجهول بالنسبة له.
وبهذا المعنى نقل عن ابن سينا أنه قال:
كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان. (1) وإنها لحقيقة عقلية علمية: أن " عدم المعرفة لا يدل على عدم الوجود " فما أكثر الأشياء التي لا علم للإنسان بها، ولكنها موجودة.
وهل كان البشر قبل ألف سنة على علم بحركة الدم وحركة الذرة ومئات الحقائق العلمية الأخرى التي تكشفت وثبتت اليوم؟ فهل كان عدم العلم بهذه الأمور فيما سبق يمكن أن يكون دليلا على عدم وجودها كحقيقة واقعية؟ فلو أن الإنسان كان من أهل العلم بالمعنى الواقعي لعلم أن أكثر حقائق الوجود أمور مجهولة بالنسبة للبشر.