أياما كانت إلا بالتدقيق والبرهان العقلي.
فالباري عز وجل لم يطلب أبدا من الناس أن يستسلموا لكلامه - على سبيل المثال - فيما يختص بإثبات وجوده أو إثبات نبوة أنبيائه استسلاما تعبديا تقليديا لا ينهض به برهان عقلي، إنه سبحانه يستدل على إثبات وجوده ونبوة مرسليه بالأدلة العقلية، ويدعو الناس إلى تحكيم العقل.
وما من نبي دعا الناس إلى تقليده في أصول العقائد وقبول كلامه دون تساؤل، لمجرد كونه مبعوثا من قبل الله تعالى؛ بل إن الأنبياء جميعا كانوا يستندون إلى الأدلة والبراهين العقلية على إثبات نبوتهم، ويدعون الناس إلى تحكيم العقل، كما كانوا يطالبون معارضيهم أيضا بالإتيان بأدلة وبراهين عقلية على إثبات ادعاءاتهم، قائلين: (هاتوا برهانكم). (1) وثمة نشاهد أن المجتهدين والمتخصصين في المسائل الإسلامية اليوم لا يجيزون التقليد في أصول العقائد، ويوصون الناس بالتحقيق والبحث في عقائدهم، وحتى يتجلى لنا رأي الإسلام بخصوص التقليد في أصول العقائد بصورة دقيقة نستعرض بعض الآيات والأحاديث المرتبطة بهذا الموضوع.
التقليد في العقائد من وجهة نظر القرآن إن القرآن الكريم - وفي آيات عديدة تتعلق بالأصول العقائدية - يستقبح التقليد ويحرمه ويشدد في التنديد به، وكأنه ينبه صراحة على أنه ما لم تحصل للإنسان معرفة كاملة ويقين قطعي بنظرية أو عقيدة ما لا يحق له اتباعها أو بناء حياته الفردية والاجتماعية على أساسها: