يطرح سؤاله ويحظى بجوابه في أي وقت آخر، إشتاطوا غضبا جميعا من تصرف هذا الرجل وعدم تقديره لظروف الوضع القائم، وارتفعت أصواتهم بالاعتراض عليه، كل من جانبه.
عظة بالغة قيمة فلما رأى الإمام علي (عليه السلام) ذلك الأعرابي وسط وابل من الاعتراض والتهجم تداركه بعبارة تاريخية وموعظة تعليمية عظيمة، تعبر بدقة عن أهمية البحوث العقائدية؛ حيث قال (عليه السلام):
دعوه، فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم!
إن عبارة الإمام هذه التي ألقيت في تلك الظروف على غاية من الأهمية، وما أجدرها بالتأمل والتحقيق.
فلو تصورنا الظروف في تلك اللحظات المصيرية الحاسمة بالنسبة للإمام (عليه السلام) لتجلى الواقع عن عدم توفر المجال المناسب للإجابة على مثل هذا السؤال، وأنه كان في إمكان الإمام (عليه السلام) أن يحيل الإجابة إلى غيره، أو أن يستمهلها إلى فرصة أوسع؛ إلا أنه لا أحالها ولا اعتذر عنها لضيق الوقت، وإنما رآها فرصة ليقلن المسلمين درسا، أراد أن يعلمهم فلسفة الجهاد، ويبين لنا أهمية المسائل والبحوث العقائدية ودراستها والمحاضرة فيها.
وإنه (عليه السلام) رغم تلك اللحظات المصيرية الحساسة وتأزم الفرصة، تصدى للدفاع عن تساؤل ذلك الأعرابي، وبيان فلسفة الجهاد والقتال، قائلا:
دعوه يسأل مسألته، فنحن أيضا لا هدف لنا من قتالنا ضد هؤلاء القوم إلا هذا، نحن لا نهدف إلى التسلط والاستغلال، وإنما هدفنا هو المعرفة والإدراك والتنور، وما القتال إلا من أجل تحطيم السدود وإزالة العراقيل ورفع الحجب التي تمنع