إليها عينه، وأما تفصيل هذا الإجمال فيقتضي دراسة رأي الإسلام بالنسبة لكل معنى من معاني حرية العقيدة على حدة.
حرية اختيار العقيدة في رأي الإسلام سبق أن قلنا لدى بيان رأي العقل في حرية اختيار العقيدة: إن معتقدات الإنسان ليست خاضعة لإرادته حتى يعتقد بشيء أو لا يعتقد به، وقلنا أيضا: إن العقيدة ليست كاللباس للإنسان خياره في انتقائه، ومتى ما شاء بدله، أو يضطر على غير هوى منه إلى تبديله، وإنما العقيدة كالحب، لا تتغير إلا إذا تغير منشأها.
فالعقيدة إذا ليست أمرا اختياريا حتى يتم البحث عن حرية الاختيار في الإسلام، ومن ثم حينما جاءت طائفة من الأعراب من بني أسد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في موسم الجفاف وأعلنت إسلامها غير مؤمنين بالعقيدة الإسلامية بل لدوافع مادية ألجأتها إلى هذا الاختيار (1) نزلت الآية الكريمة وهي قوله تعالى:
(قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم). (2) والإسلام هو الإفصاح عن الإيمان بالمعتقدات الإسلامية، والإيمان هو اعتقاد القلب بتلك العقائد وأما الإفصاح عن الرأي فيخضع لإرادة الإنسان، ولكن اعتقاد القلب ليس كذلك. وعليه، يمكن للإنسان أن يتظاهر بعقيدة ما لدوافع مختلفة، أما الاعتقاد المؤمن فهو من شأن القلب، وهناك فقط عندما تختمر الروح بالعقائد الإسلامية يمكن للإنسان أن يدعي الإيمان.