وقول الرسول (صلى الله عليه وآله) - إذ يشير إلى قول الله تعالى - إنما يتضمن استفهاما توبيخيا مؤداه: إذا لم يكن أمام الإنسان بد إلا من طريقين، لماذا يعدل عن الطريق الذي يقرر العقل صوابه إلى الآخر الذي ينهاه العقل عنه؟!!
واستناد الإمام (عليه السلام) إلى حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في بيان مدلول كلمة " إمعة " يفيدنا أمرين:
الأول: أن الباعث - من وجهة النظر الاجتماعية - على اختيار الإنسان للشر هو إمعيته، وكونه إمعة يقلد الآخرين في عقائدهم وأعمالهم تقليدا أعمى، فلو أن البشر قد تحرر يوما من قيد التقليد، لانحل كثير من المشاكل الاجتماعية.
والآخر: أن الإنسان قد خلق بحيث لو تحاشى التقليد لأصبح صاحب رأي، ولاختار طريق الخير، فالعقل كفيل بالتمييز بين ما هو خير وما هو شر، والإسلام بدوره لا يدعو الناس إلا إلى الخير والعدل واجتناب السوء والظلم. (1) تقليد الشخصيات في العقائد إن الملاحظة البالغة الأهمية والجديرة بالعناية التي نلاحظها في الروايات الإسلامية حول محور التقليد في العقيدة هي شجب تقليد الشخصيات المذهبية في العقائد الدينية حتى وإن كانت تلك العقائد حقة.
فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام):
من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول. (2)